إن الإفطار في السفر رخصة أنعم الله بها على عبده المؤمن؛ لأن السفر كثيرا ما تحصل فيه أتعاب ومشقات يصعب معها الصوم، فرخص الله تبارك وتعالى لعبده المؤمن أن يفطر إذا شاء في سفره ويقضي عدة الأيام التي أفطرها إذا عاد إلى وطنه يجوز له هذا الإفطار، ولو لم تحصل له مشقة في الصيام، فإن السفر، والمرض، سببان لرخصة الفطر في حكم لله كما قال في كتابه الكريم: "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر"(1)والله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، فمن كان مسافرا فهو مخير بين الصوم والإفطار. و أما قصر الصلاة في السفر فهو واجب كوجوب الإتمام في الحضر فيما شرع الله لعباده على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو مما علم من الدين بالضرورة. وأما ما تخيل لك من التناقض في حال المسلم إذ قلت في كتابك: وعند ذلك يكون في وضعية متناقضة يصلي صلاة مسافر، ويصوم صوم حاضر، فإنما هو وهم باطل، وخيال زائف، وتحكيم للعقل فيما شرع الله، وذلك ما لم يأذن به الله فإن كلا من الصوم، والصلاة، فريضة مستقلة بنفسها ولكل منهما أحكام خاصة به يجب حفظها كما وردت، والقيام بها كما وجبت، والعقل لا يدخل في الأحكام، فعليك باتباع الشارع، ودع الوسواس، والأوهام، والسلام عليك ورحمة الله.
==============
1 : الآية 184 من سورة البقرة.