رجل مصاب بقرحة المعدة، وقد أوصاه الطبيب بعدم الصوم، والطبيب ليس بمسلم وهو يائس من الشفاء لفترة طويلة على الأقل، فهل عليه فدية اليوم حال إفطاره؟ وماذا عليه إن شفي بعد عشر سنوات مثلا؟ أيجب عليه قضاء ما أفطر في السنوات الماضية أم لا؟
الجــــــــــــــواب:
الحكم في هذه المسألة هو في قوله تعالى في سورة البقرة: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين" وهم كما يقول العلماء: الشيخ الهرم الذي لا يرجو شبابا، والمريض الذي لا يرجو شفاء يسقط عنهم فرض الصوم، ويطعمون مسكينا عن كل يوم، ويبدو أن قضية صاحبك داخلة تحت هذا الحكم فواجبه إطعام مسكين عن كل يوم أفطره، لأن قرحة المعدة حسب ما في علمنا من أخطر الأمراض وأصعبها، وأبعدها عن تحقق الشفاء، ومعالجتها إنما هي لتخفيف الألم، وتسكينه، هذا هو حكم المريض اليوم ما دام على هذا الحال، فإن قدر الله له الشفاء التام، واستطاع الصيام وجب عليه القضاء لما أفطر في الماضي ولو متفرقا غير متتابع. و نظن أن القضاء لا يشق عليه، بل لو لم يكن واجبا لصام شكرا لله تبارك وتعالى الذي شفاه من مرض خطير. أما كون الطبيب غير مسلم فإن الأمر فيه هين لوجود أطباء مسلمين فمن السهل أن يعرض نفسه على طبيب مسلم يثق به، وإن تعذر فإن الاعتماد على قول الطبيب غير المسلم إذا وثق به، واعتقد صحة قوله فلا بأس أن يعتمد عليه إن لم يكن يحس من نفسه ميلا إلى التهاون بالدين، ويستحسن لكي تقوى له الحجة أن يستشير طبيبا اختصاصيا آخر، فبالاثنين تقوى الحجة والله تبارك وتعالى رحيم بنا. و يقول في كتابه الكريم: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"(1) ويقول في الصوم نفسه: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"(2)
=============
1 : النساء، 29.
2 : البقرة، 185..