يتكون نهر النيل من فرعين رئيسيين يقوما بتغذيته وهما: "النيل
الأبيض"(White Nile) في شرق القارة، و"النيل الأزرق"(Blue Nile) في
إثيوبيا. يشكل هذين الفرعين الجناح الغربي للصدع الإفريقي الشرقي، والذي
يشكل – بدوره – الجزء الجنوبي الإفريقي من الوادي المتصدع الكبير(Great
Rift Valley).
[تحرير] النيل الأبيض
تعتبر بحيرة فيكتوريا Lake Victoria) هي المصدر الأساسي لمياه نهر النيل.
تقع هذه البحيرة علي حدود كل من أوغندا، تنزانيا وكينيا، وهذه البحيرة
بدورها تعتبر ثالث البحيرات العظمي. بالتوازي، يعتبر نهر روفيرونزا -
Ruvyironza) - في بوروندي هو الحد الأقصى لنهر النيل، وهو يشكل الفرع
العلوي لنهر كاجيرا Kagera). يقطع نهر كاجيرا مسارا طوله 690 كم (429 ميل)
قبل دخوله إلي بحيرة فيكتوريا.
بعد مغادرة بحيرة فيكتوريا، يعرف النيل في هذا الجزء باسم نيل فيكتوريا
Victoria Nile)، ويستمر في مساره لمسافة 500 كم (300 ميل) مرورا ببحيرة
كييوجا - Lake Kyoga) - حتى يصل إلي بحيرة ألبرت Lake Albert).
بعد مغادره بحيرة ألبرت، يعرف النيل باسم نيل ألبرت Albert Nile)، ثم يصل
النيل إلي السودان ليعرف عندها باسم بحر الجبل، وعند اتصاله ببحر الغزال
يمتد النيل لمسافة 720 كم (445 ميل) يعرف فيها باسم النيل الأبيض، ويستمر
النيل في مساره حاملا هذا الاسم حتى يدخل العاصمة السودانية الخرطوم.
[تحرير] النيل الأزرق
يشكل النيل الأزرق نسبة (80-85%) من المياه المغذية لنهر النيل، ولكن هذه
المياه تصل إليه في الصيف فقط بعد الأمطار الموسمية علي هضبة إثيوبيا،
بينما لا يشكل في باقي أيام العام نسبه كبيرة حيث تكون المياه فيه ضعيفة
أو جافه تقريبا.
ينبع هذا النهر من بحيرة تانا - Lake Tana) - الواقعة في مرتفعات إثيوبيا
بشرق القارة. بينما يطلق عليه اسم "النيل الأزرق" في السودان، ففي إثيوبيا
يطلق عليه اسم "آبباي" Abbay). ويستمر هذا النيل حاملا اسمه السوداني في
مسار طوله 1,400 كم (850 ميلا) حتى يلتقي بالفرع الآخر – النيل الأبيض –
ليشكلا معا ما يعرف باسم "النيل" منذ هذه النقطة وحتى المصب في البحر
المتوسط.
صورة بالأقمار الصناعية للإنحناء العظيم لنهر النيل في السودان
[تحرير] النيل
بعد اتحاد النيلين الأبيض والأزرق ليشكلا معا النيل، لا يتبقي لنهر النيل
سوي رافدا واحدا لتغذيته بالمياه قبل دخوله مصر ألا وهو نهر
عطبرةAtbarah)، والذي يبلغ طول مساره 800 كم (500 ميل) تقريبا. ينبع هذا
النهر من المرتفعات الإثيوبية أيضا، شمالي بحيرة تانا، ويتصل بنهر النيل
علي مسافة 300 كم (200 ميل) بعد مدينة الخرطوم.
ويعتبر النيل في السودان مميزا لسببين:
أولهما: مروره علي 6 سدود؛ بدء من أسوان – في مصر – وحتى السادس في سابا لوكا (إلي الي شمال الخرطوم).
ثانيهما: تغيير مسار النيل؛ حيث ينحني مسار النيل في اتجاه جنوبي غربي،
قبل أن يرجع لمساره الأصلي – شمالا – حتى يصل للبحر المتوسط. ويطلق علي
هذا الجزء المنحني اسم "الانحناء العظيم للنيل" Great Bend of the Nile)
بعد عودته لمساره الأصلي، يعبر النيل الحدود المصرية السودانية، ويستمر في
مساره داخل مصر بطول 270 كم (170 ميل) حتى يصل إلي بحيرة ناصر - Lake
Nasser) - وهي بحيرة صناعية تقع خلف السد العالي. وبدء من عام 1998 انفصلت
بعض أجزاء هذه البحيرة غربا بالصحراء الغربية ليشكلوا بحيرات توشكي Toshka
Lakes).
وعودة إلي مساره الأصلي في بحيرة ناصر، يغادر النيل البحيرة ويتجه شمالا
حتى يصل إلي البحر المتوسط. علي طول هذا المسار، ينفصل جزء من النهر عند
أسيوط، ويسمي بحر يوسف Bahr Yussef)، ويستمر حتى يصل إلي الفيوم.
ويصل نهر النيل إلي أقصي الشمال المصري، ليتفرع إلي فرعين: فرع دمياط شرقا
وفرع رشيد غربا، ويحصران فيما بينهما دلتا النيل (بالإنجليزية: Nile
Delta) وهي تعتبر علي قمة قائمة الدلتا في العالم، ويصب النيل في النهاية
عبر هذين الفرعين في البحر المتوسط منهيا مساره الطويل من أواسط شرق
إفريقيا وحتى شمالها.
[تحرير] فيضان النيل
منذ فجر التاريخ، اعتمدت الحضارات التي قامت على ضفتي النيل على الزراعة،
كنشاط رئيسي مميز لها، خصوصا في مصر نظرا لكونها من أوائل الدول التي قامت
علي أرضها حضارات، لهذا فقد شكل فيضان النيل أهمية كبري في الحياة المصرية
القديمة. كان هذا الفيضان يحدث بصورة دورية في فصل الصيف، ويقوم بتخصيب
الأرض بالمياه اللازمة لما قام الفلاحون بزراعته طوال العام في انتظار هذه
المياه.
ففي مصر الفرعونية، ارتبط هذا الفيضان بطقوس شبه مقدسة، حيث كانوا يقيمون
احتفالات وفاء النيل ابتهاجا بالفيضان. كما قاموا بتسجيل هذه الاحتفالات
في صورة نحت على جدران معابدهم ومقابرهم والأهرامات لبيان مدى تقديسهم
لهذا الفيضان.
وقد ذكرت الكتب السماوية المقدسة (الإنجيل والقرآن) قصة نبي الله يوسف مع
أحد فراعنة مصر حينما قام بتأويل حلمه حول السنابل السبع والبقرات السبع،
مما ساهم في حماية مصر من مخاطر الفيضان في هذه الفترة لمدة سبع سنوات
رخاء وسبع سنوات عجاف.
وفي مصر الإسلامية، اهتم ولاتها بالفيضان أيضا، وقاموا بتصميم "مقياس
النيل" في العاصمة القاهرة للقيام بقياس دقيق للفيضان. وما زال هذا
المقياس قائما لليوم في "جزيرة الروضة" بالقاهرة. (مزيد من التفاصيل في
المقالة الأصلية: "مقياس النيل ".)
أما في العصر الحديث، ففي عام 1980 شهدت دول حوض النيل جفافا نتيجة لضعف
فيضان النيل، مما أدى إلى نقص المياه وحدوث مجاعة كبري في كل من السودان
وإثيوبيا، غير أن مصر لم تعان من آثار تلك المشكلة نظرا لمخزون المياه
ببحيرة ناصر خلف السد العالي.
[تحرير] الأهمية الاقتصادية
يشكل حوض النيل تنوعا جغرافيا فريدا، بدء من المرتفعات في الجنوب ويقل
الإرتقاع حتي يصل إلي سهول فسيحة في أقصي الشمال. ولذلك نهر النيل هو
النهر الوحيد الذي يجري من الجنوب إلي الشمال تبعا لميل الأرض.
يشكل النيل أهمية كبري في اقتصاديات دول حوض النيل، ففي مجال الزراعة
يعتمد المزارعون في كل دول حوض النيل علي مياهه من أجل ري محاصيلهم. ومن
أشهر هذه المحاصيل: القطن، القمح، قصب السكر، البلح، البقوليات، والفواكه
الحمضية.
وفي مجال الصيد فيعتمد الصيادون علي الأسماك النيلية المتوفرة فيه، ويعتبر
السمك من الأكلات المفضلة للكثير من شعوب هذه الدول. كما يشتهر نهر النيل
بوجود العديد من الأحياء المائية أهمها تمساح النيل والذي بتواجد في أغلب
مسار النيل.
أما في مجال السياحة، ففي مصر والسودان فتقوم عليه أحد أنواع السياحة وهي
"السياحة النيلية"، في كل من مصر والسودان، حيث تبحر الفلوكة حاملة السياح
وزائرو البلاد في كل من قنا، الأقصر وأسوان بمصر، وبين السدين الثالث
والرابع في شمال السودان، بين جوبا وكوتشي. 120
[تحرير] لمحات عامة حول النهر
[تحرير] الاستكشافات في القرن التاسع عشر
ظل نهر النيل يمثل لغزا غامضا للكثيرين حتى منتصف القرن التاسع عشر. ففي
عام 1858 استطاع المستكشف الإنجليزي جون هاننج سبيك (بالإنجليزية: John
Hanning Speke) الوصول إلي بحيرة فيكتوريا. أما نظيره صاموئيل وايت بيكر
(بالإنجليزية: Samuel White Baker) فقد استطاع الوصول إلي بحيرة ألبرت في
عام 1864.
بعدهما قام المستكشف الألماني جورج أوغست شوينفروث (بألمانية: Georg
August Schweinfurth) باستكشاف بحر الغزال في الفترة بين عامي 1868 و1871،
بينما قام نظيره الأنجلو أمريكي هنري مورتون ستانلي (بألمانية: Henry
Morton Stanley) باستكشاف بحيرة فيكتوريا في عام 1875 وتبعها بالوصول إلي
بحيرة إدوارد عام 1889. وهكذا حل لغر النهر الذي ظل غامضا للآلاف السنين.
[تحرير] الاستكشافات في القرن الحادي والعشرين
حديثا في 14 يناير 2004، قام "هندري كوتزي" (بالإنجليزية: Hendri Coetzee)
من جنوب إفريقيا برحلة للإبحار في النيل الأبيض، وتعتبر أول رحلة للإبحار
في هذا النهر بطول مساره. وقد استغرقت هذه الرحلة 4 أشهر وأسبوعان، حتى
وصل إلي مدينة رشيد المصرية علي البحر المتوسط. وتعتزم ناشيونال جيوجرافيك
إنتاج فيلم وثائقي عن هذه الرحلة في نهاية عام 2005 بعنوان "The Longest
River" (أي "أطول الأنهار" بالعربية.)
أما في 28 ابريل 2005 فقد قام الجييولوجي "باسكال سكاتوررو" (بالإنجليزية:
Pasquale Scaturro) وشريكه "كياكار" (بالإنجليزية: kayaker) ومخرج الأفلام
الوثائقية "جوردون براون" (بالإنجليزية: Gordon Brown) برحلة لاستكشاف
النيل الأزرق، وتعتبر هذه أيضا أول رحلة للإبحار في هذا النهر بطول مساره
بدء من بحيرة تانا في أثيوبيا، وقد وصلوا مدينة الإسكندرية المصرية علي
البحر المتوسط. وقد وثقت هذه الرحلة في فيلم يحمل عنوان: "Mystery of the
Nile" (أي "لغز نهر النيل" بالعربية)، كما صدر أيضا كتبا بنفس العنوان.
[تحرير] نقل معبد أبو سمبل
ترتب علي بناء السد العالي ارتفع منسوب المياه، وذلك بعد إنشاء بحيرة نا