هل تصح إعادة الصلاة المنتقضة في جماعة أم تعاد فرادى ؟
الجــــــــــــــواب:
لا أجد مانعاً من إعادة الصلاة جماعة لو بطلت ، وإن ذهبت طائفة من العلماء إلى خلاف ذلك ، ففي بعض الآثار عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه أعاد الصلاة جماعة في غير وقتها ، كما صنع ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة الخندق عندما صلى الظهر والعصر والمغرب في وقت العشاء جماعة ، ولا أرى الذين ذهبوا إلى خلاف هذا الرأي إلا أنهم واقعون في التقليد من غير إمعان فيما بنوا عليه رأيهم ، وذلك أنهم رأوا في الأثر عن بعض أهل العلم كراهة تكرار الجماعة في المسجد الواحد ولم يقصدوا بذلك إلا قطع دابر الفرقة بين الجماعات خشية أن يجد روادها سبيلاً إليها من خلال تعدد الجماعات ، بحيث يعتمد بعضهم التأخر عن الصلاة في الجماعة الأولى من أجل إنشاء جماعة ثانية ، وهكذا يتمزق الصف وتتشتت الكلمة وتفوت الحكمة التي من أجلها شرعت الجماعة ، وهي وحدة الصف وراب الصدع وتأليف القلوب ، ولا ريب أن رأيهم هذا مبني على أصل أصيل من الفقه وهو سد ذرائع الفساد ، وهو أمر ملحوظ في مقاصد الشرع الحنيف ، فلا غرو إن أخذ به أصحابنا وكثير من أصحاب المذاهب الأخرى ، ولكن هذه العلة لا وجود لها فيما إذا أعادة الجماعة نفسها صلاتها من أجل فسادها في جماعة فإن الجماعة الأولى هي عين الثانية ولا محذور في هذا الأمر ، فكيف يصلون مع ذلك فرادى والأحاديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحض على إقامة الصلوات في الجماعات وتدل على البون الشاسع بين صلاة الجماعة وصلاة المنفرد في الفضل ، على أن الصحيح بأن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان ، لأدلة لا تقاوم وقد بسطتها في غير هذا الوضع ، فكيف يسوغ مع ذلك أن يصلوا فرادى ؟ هذا والذي أذهب إليه أنه لا مانع من تعدد الجماعات في المسجد الواحد ، ولو لم يكن لإعادة الصلاة السابقة من الأمن من قصد تشتيت الجماعة ، لما صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه رأي أحداً لم يدرك الجماعة فقال : (( هل من أحد يتصدق على هذا فيصلي معه )) ، وكفى بذلك حجة ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل . والله أعلم .
المفتي: سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي