لماذا لم يوجب الشارع الزكاة على غير المسلمين؟ وما الفرق بين شرط الصحة والوجوب مع التمثيل؟
الجــــــــــــــواب:
نحن لا نقول بأن الزكاة لا تجب عليهم، بل نقول بأنهم مخاطبون بفروع الشريعة كما أنهم مخاطبون بأصولها، لدلائل كثيرة من القرآن الكريم تنص على ذلك، منها قول الله تعالى ـ عندما حكى عن أهل النار أنهم يسألون ما سلككم في سقر فحكى إجابتهم يقوله: ( قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ[43] وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ[44] وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ[45] وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ[46] حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ) (1)
فهم مع كونهم معذبون لأنهم كانوا يخوضون مع الخائضين وكانوا يكذبون بيوم الدين حتى أتاهم اليقين، أيضاً يعذبون بسبب كونهم من غير المصلين وكونهم لم يطعموا المسكين، فهم متعبدون بفروع الشريعة كما أنهم متعبدون بأصولها، وكذلك من أدلة ذلك أن الله تبارك وتعالى يقول يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ[40] وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ[41] وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ[42] وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ) (2) بجانب كون الله تبارك وتعالى خاطبهم بالإيمان وبقبول هذا الدين وبالإنضمام إلى هذا المعتقد، خاطبهم أيضاً بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولكن لا تصح منهم الصلاة ولا تصح منهم الزكاة إلا باعتناقهم الإسلام، فهنالك فرق بين شرط الوجوب وشرط الصحة، فالمحدث أخل بشرط من شروط الصحة إن صلى بحدثه وهو قادر على الوضوء، ولا يعني ذلك أن الصلاة غير واجبة عليه، كذلك إن كان محدثاً حدثاً أكبر وصلى بحدثه ذلك، فقد صلى متلبساً بما يخل بصحة الصلاة بتركه الاغتسال مع قدرته على الاغتسال، ولا يعني ذلك أنه ما لم يغتسل فالصلاة غير واجبة عليه، وهكذا يقال في كل العبادات التي تتوقف على شرائط لصحتها، لا يعني ذلك عدم وجوبها على من لم يوف بتلك الشرائط، وإنما هذه شرائط لصحة العمل لا لوجوب العمل، وكذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وجميع الأعمال الواجبة في الإسلام، مما يتوقف على عقيدة الإسلام يعد الإسلام شرطاً لصحتها ولا يعد شرطاً لوجوبها. والله تعالى أعلم.
-------------------------------
(1) الآيات من 43 إلى 47 من سورة المدثر.
(2) الآيات من 40 إلى 43 من سورة البقرة.