الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية اختلف فيه أهل العلم وطال فيه النِّقاش أنه هل يكون طلاقًا ماضيًا أم طلاقًا لاغيًا، وجمهور أهل العلم على أن يكون الطلاق ماضيًا ويُحسبُ على المرء طَلْقَة ولكنه يُؤمر بإعادتها وأن يتركها حتى تطهر من الحيض ثم تحيض مرة ثانية ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة الإمام أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة، ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه أن الطلاق في الحيض لا يقع ولا يكون ماضيًا؛ ذلك لأنه خلاف أمر الله ورسوله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، والدليل في ذلك في نفس المسألة الخاصة حديث عبد الله بن عمر حيث طلق زوجته وهي حائض فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((مره فليراجعها، ثم يتركها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق)) قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء)) فالعدة التي أمر الله بها أن تطلق عليها النساء أن يطلقها الإنسان طاهرًا من غير جماع، وعلى هذا فإن طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله فيكون مردودًا، فالطلاق الذي وقع على هذه المرأة نرى أنه طلاق غير ماض، وأن المرأة لا زالت في عصمة زوجها. لا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو غير طاهرة. نعم لا عبرة بعلمه لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم وعدم الوقوع، وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ولا إثم على الزوج.